ما صحة هذه النظرية التي يرددها جماعة السيد كمال الحيدري : ( المخالف تعرف اجتهد واخطأ فهو معذور في فهم الامامة ولا يمكن اتهامه بالنفاق والكفر لان نصوصك لا يراها تعطي المعنى اللي انت تقوله وليس عنادا لماذا نحكم على الاخرين اما يفهمو مثل ما نفهم او معاندين )
سماحة آية الله الشيخ حسين الساعدي :
ما صحة هذه النظرية التي يرددها جماعة السيد كمال الحيدري :
( المخالف تعرف اجتهد واخطأ فهو معذور في فهم الامامة ولا يمكن اتهامه بالنفاق والكفر لان نصوصك لا يراها تعطي المعنى اللي انت تقوله وليس عنادا لماذا نحكم على الاخرين اما يفهمو مثل ما نفهم او معاندين )
بسمه جلت اسماؤه :
أنّ إنكار الضروري مستلزم لتكذيب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو امر ثابت بحق مدرسة المخالفين اذ هم يعرفون أن ما ينكرونه < الخلافة تعيين الهي> مما ثبت من الدين بالضرورة في منظومة معارفهم الدينية من الخطابات القرانية والنصوص المعتبرة في كتبهم .
قال تعالى: (وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين أنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) والتعرض لذرية إبراهيم وبيان وجود المحسن والظالم لنفسه يوضح مفاد (لا ينال عهدي الظالمين)
وانها لا تختص بذات إبراهيم بل استمرت بحسب تعبير القرآن في المحسن من ذريته (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) (الزخرف: 28).
فنلاحظ أن الآية تتحدث عن الكتاب الذي أوحي إلى خاتم الأنبياء والرسل ( ص ) وأن هذا الكتاب ذاته قد أورثه الله عز وجل بعد رسوله إلى الذين اصطفاهم من عباده [ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ]
ودلالة كلمة الاصطفاء تعني جعل اللائق لوراثة الكتاب (لا ينال عهدي الظالمين) وانها تختص في المحسن من ذرية إبراهيم (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ) (الزخرف: 28).
وهذا يؤكد الصياغة القرآنية المحكمة لقراءة الامامة حتى ذكرها بشروطها بشكل تفصيلي قال (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (وأوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين)
وبالتالي فان التقصير في استقصاء لب الحقائق الواضحة بلغ حده عندهم بحيث نقول بصيغة استهجان كيف لمنصف يملك أدنى تدبر ان يعلل انحراف القوم بذريعة [ فهم الأدلة ]
والنصوص القرانية محكمة في ان الامامة ضرورة من ضرورات الدين بل ولسان الادلة الوافرة في كتبهم ترفع عنوان القصور في هذه الأزمنة كيف وقول النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أمام الآلاف من الصحابة يوم غدير خم : ( من كنت مولاه فهذا علي مولاه ) ، هو من المتواتر اللفظي ، نصّ على ذلك جمع كبير من علماء أهل السنة ، نذكر منهم :
-السيوطي في قطف الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة : 227
- الذهبي في "سير سيرأعلام النبلاء 8: 335
-الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر : 206
-الزبيدي في لقط اللالئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة : 205
-الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4: 343 وغيرهم كثير ...
فالحديث من ناحية السند والمتن لا مجال للطعن فيه أبدا حتّى ورد عن الذهبي قوله عند ترجمته للطبري في "سير أعلام النبلاء 14 :277 : ( قلت : جمعَ طرق حديث غدير خم في أربعة أجزاء ،رأيت شطره ، فبهرني سعة رواياته ،وجزمت بوقوع ذلك )
ولانعلم عبارة [ فهمهم وفهمنا ] من اين ابتدعها الفكر الضال وهذا القرآن المتداول اليوم عند الجميع يوضح بأتم الكلمات وأوضح المقاصد ان امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) وهو الذي لا يخالف الحق ولا يختلف معه بشهادة رسول الله (ص) له في ذلك حين قال : ( علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ) انظر المستدرك على الصحيحين 3: 134 صححه الحاكم ووافقه الذهبي
هو الامتداد الطبيعي للمشروع الإلهي :
من آية المباهلة : ﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ﴾
و هي قول الله جل جلاله : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... ﴾ 25 و المقصود بأولي الأمر هو علي ( عليه السَّلام ) و الأئمة ( عليهم السلام ) من وُلده كما صرَّح بذلك غير واحد من علماء و مفسري السُنة مرورا بآية الصادقين : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ 27 و الصادقون هم علي ( عليه السَّلام ) و أصحابه ، فقد ذكر السيوطي في الدر المنثور بعد ذكر الآية : و أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ﴿ ... اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾، قال : مع علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) وقوله : ﴿ ... إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ والتي روى المستدرك الصحيحين بسنده عن عباد بن عبد الله عن علي ( عليه السَّلام ) ﴿ ... إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ قال علي ( عليه السَّلام ) : " رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) المُنذر ، و أنا الهادي ثم أضاف قائلاً : هذا حديث صحيح الإسناد .
حتى قطع الله سبحانه العذر بقوله عَزَّ و جَلَّ بآية الولاية لبيانها موضوع الولاية : ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ﴾
التي يؤكد المفسرون في عشرات الكتب على نزول هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) بعد تصدّقه بخاتمه الذي كان يتختم به في خِنْصَره الأيمن و هو راكع في صلاته .
ثم إن المصادر الإسلامية التي ذكرت أن الآية قد نزلت في الإمام علي ( عليه السَّلام ) هي أكثر من أربعين كتابا منهم الزمخشري : جار الله محمود بن عمر المتوفى سنة : 528 هجرية ، قال في تفسير هذه الآية : و إنها نزلت في علي حين سأله سائل و هو راكع في صلاته ، فطرح له خاتمه كأنه كان مَرِجا في خنصره فلم يتكلّف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته .
حتى كانت الخاتمة تسمَّى آية الإكمال من سورة المائدة ، و هي قول الله جَلَّ جَلالُه : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... ﴾
قال السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى : ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ... ﴾ ذكر عن ابن مردويه و الخطيب و ابن عساكر عن أبي هريرة قال : لمَّا كان يوم غدير خم ، و هو يوم ثماني عشرة من ذي الحجة قال النبي ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : من كنت مولاه فعلي مولاه ، فأنزل الله ﴿ ... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ... ﴾
قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) لعلي ( عليه السَّلام ) : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي )
هذا الحديث من الاحاديث المتواترة فقد رواه جماعة كثيرة من الصحابة في كتبهم الواصلة إليهم .
وصريح تعابير خطابات النبي الخاتم والعترة الطاهرة ( عليهم السلام ) في كتبنا من الوضوح بحيث لامجال لباب الاجتهاد لاحظ «إن الله جعل علياً علماً بينه وبين خلقه ليس بينه وبينهم علم غيره ، فمن تبعه كان مؤمناً ومن جحده كان كافراً ومن شك فيه كان مشركاً .>>
وفي آخر «علي باب هدى من خالفه كان كافراً ومن أنكره دخل النار»
إلى غير ذلك من الأخبار فان شئت فراجع الوسائل 28 : 343 / أبواب حد المرتد ب 10 ح 13 ، 14 وغيرهما
على ما تقدم من الأدلة الواضحة و الصريحة من الخطابات القرانية والأحاديث النبوية الشريفة على أن الامامة ضرورة دينية واصل يرجع إليه كمال الدين بأمر و تعيينٍ إلهي و نصب و تصريح نبوي
لا وجه لصرف الحكم عنهم ولا يجوز العدول عن مقتضى دليل كفرهم وضلالتهم الى حكم آخر بمجرّد الاستحسان منه وموافقته لطبعه، بل لابدّ للمعترض ان كان <أمينا على دينه > ان يذعن لهذه الحقيقة الواضحة وان يحترم عقول المخاطبين دون ان التخبط في دائرة لباقة اللسان لانّ الاستحسان بما هو استحسان ليس له قيمة في مجال الإفتاء، وبيان الحقائق العقدية بل الاعتبار بالدليل وفي المقام من الوضوح (( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد ))
مدارس الامام الكاظم (ع)
اللجنة العلمية _ النجف الاشرف
مواضیع ذات صلة:
الرد آية الله الشيخ حسين الساعدي علی كمال الحيدري